Muther Alohmayed

إرشادية المتوفّر: استخداماتها في تسويق الرعاية الصحية

اتخاذ القرارات

مقدمة:

فيما يواصل قطاع الرعاية الصحية في احتلال جانباً أساسياً في حياة الناس، أصبحت إستراتيجيات التسويق حيويةً من أجل الوصل الى المرضى ومزودي الرعاية الصحية والتفاعل معهم. وإرشادية المتوفّر، وهي تحيّز ذهني يؤثر على عملية اتخاذ القرارات، احدى الأدوات المهمة التي يستطيع المسوقون استخدامها. تستطيع مؤسسات الرعاية الصحية تحسين إستراتيجيات التسويق الخاصة بها من أجل تحقيق نتائج أفضل عن طريق فهم كيفية عمل إرشادية التوفّر وتضمينها في جهود التسويق. في هذه المقالة، سنسبر غور مفهوم <إرشادية المتوفّر> في التسويق، وكيف يتم استخدامه، وأهميته في تسويق الرعاية الصحية، وأمثلة عليها في قطاع الرعاية الصحية، وإشارة عن بعض الدراسات التي عالجت هذا التحيّز الذهني.

 

ما هي إرشادية التوفّر في التسويق؟

إرشادية التوفّر: تحيّز ذهني يحدث عندما يصدر الناس أحكاماً أو يتخذون قراراتٍ اعتمادا على سهولة الوصول الى المعلومات المحفوظة في ذاكرتهم بدل تقييم جميع المعلومات المتوفرة بموضوعية. وفي التسويق، يمكن لإرشادية المتوفر التأثير على عملية اتخاذ القرارات عن المستهلك عن طريق جعل المعلومات سهلة الوصول في ذهن المستهلك أكثر تأثيراً على عملية اتخاذ القرار. وتعتمد هذه الإرشادية على قاعدة أنّ الناس يعتمدون على المعلومات التي يسهل الوصول اليها كطريق أسرع لاتخاذ القرار، بدل تقييم جميع المعلومات المتوفرة بشكل مفصّل.

 

كيف يتم استخدام إرشادية التوفّر في التسويق؟

يمكن استخدام إرشادية المتوفّر في التسويق للتأثير على سلوك المستهلك. وهذه بعض الإستراتيجيات الشائعة:

 

  • الإعلان والاختيارات الإعلامية: يمكن للمسوقين وضع الإعلانات والمحتوى الإعلامي بشكل إستراتيجي في القنوات التي يمكن الوصول اليها بسهولة أو القنوات التي يستخدمها جمهورهم الهدف. يزيد ذلك من توفّر علامتهم التجارية أو منتجهم في ذهن المستهلك، مما يزيد احتمالية اختيار المستهلك لهم عندما يكون في مرحلة اتخاذ القرار.

 

  • الشهادات والمراجعات: يُمكنُ للشهادات والمراجعات الإيجابية خلق حس بتحيّز التوفّر عن طريق توفير معلومات يسهل الوصول اليها وتدعم فعالية أو جودة المنتج أو الخدمة. يمكن لذلك التأثير على عملية اتخاذ المستهلك لقراراته عن طريق جعل المعلومات الإيجابية أكثر توفراً وأسهل وصولاً في ذهنه.

 

  • التواصل الاجتماعي والتسويق من خلال المؤثرين: يمكن لمنصات التواصل الاجتماعي والمؤثرين خلق حس التوفّر من خلال عرض المنتج أو الخدمة على متابعيهم بشكل متكرر. يخلق ذلك تحيّز في ذهن المستهلك بأنّ المنتج أو الخدمة شعبية ويتم استخدامها بشكل واسع، مما يؤثر على عملية اتخاذ القرار.

 

لماذا تُعتبر إرشادية المتوفّر مهمة في التسويق؟

تُعتبر إرشادية المتوفّر مهمة في التسويق لقدرتها على التأثير في سلوك المستهلك وعملية اتخاذ القرار بشكل كبير. وهذه بعض الأسباب لأهمية إرشادية المتوفّر في التسويق:

 

  • التأثير على عملية اتخاذ القرار: تؤثر إرشادية المتوفّر على قرارات المستهلك عن طريق جعل الوصول لبعض المعلومات أكثر سهولة وتأثيراً في ذهنه. يستطيع المسوقون باستخدام هذا التحيّز الذهني زيادة فرص اختيار المستهلك لمنتجهم أو علامتهم التجارية.

 

  • عملية اتخاذ قرار فعّالة: تسمح إرشادية المتوفّر للمستهلك باتخاذ القرارات بسرعة وفعّالية باعتماده على المعلومات التي يسهل الوصول اليها. ذلك مفيد للمسوقين حيث إنّه يوفّر الفرصة لخلق انطباع ايجابي عن علامتهم التجارية أو منتجهم في ذهن المستهلك، حتى وإن كان التعرّض للمعلومات محدوداً.

 

  • استذكار العلامة التجارية والتعرف عليها: تُحسّن إرشادية المتوفّر من قدرة المستهلك على تذكّر العلامة التجارية والتعرف عليها من خلال جعل الوصول الى العلامة التجارية أو المنتج سهلاً في ذهن المستهلك. ويعتبر ذلك نقطة ايجابية حيث إنه يزيد من الوعي بالعلامة التجارية والولاء لها بين المستهلكين.

 

ما الأمثلة على إرشادية المتوفّر في التسويق؟

أحد الأمثلة على إرشادية المتوفّر هو عندما يختار المستهلك علامة تجارية لدواء معيّن لأنّه رأى اعلاناً عنه لعدة مرات على التلفاز أو وسائل التواصل الاجتماعي. فالتعرض المستمر لإعلان العلامة التجارية يجعل الوصول للمعلومات عن العلامة التجارية سهلاً في ذهن المستهلك، ويقود ذلك المستهلك الى اعتبار تلك العلامة التجارية مفضّلة وأكثر مصداقية، على الرغم من عدم دراسة الخيارات المتوفرة الأخرى بشكل مفصّل.

 

ما هي الأمثلة على إرشادية المتوفّر في تسويق الرعاية الصحية؟

يُمكن ملاحظة إرشادية المتوفّر في تسويق الرعاية الصحية في أمثلة عديدة، منها:

 

  • نتائج البحث المرتبطة بالصحة: يُمكنُ لإرشادية المتوفّر التأثير على نتائج البحث التي يقوم بها المستهلك عندما يبحث عن معلومات متعلّقة بالصحة على الإنترنت. قد يتم اعتبار المواقع الإلكترونية أو المقالات التي يتم ذكرها بشكل متكرر أو ذات الترتيب العالي على أنّها أكثر مصداقية وموثوقية بسبب توفرها الأكبر في نتائج البحث، على الرغم من وجود معلومات أخرى بنفس الجودة ولكن بسهولة وصول أقل.

 

  • شهادات المرضى: تستخدم شهادات المرضى أو قصص النجاح أيضا إرشادية المتوفّر في تسويق الرعاية الصحية. يخلق قيام المرضى بمشاركة تجاربهم الإيجابية مع مزود رعاية صحية معين أو بخصوص علاج معيّن تحيّزاً ذهنياً جاعلاً مزود الرعاية ذلك أو خيار العلاج ذلك أسهل وصولاً وأكثر تأثيراً على ذهن المرضى المحتملين الآخرين.

 

  • مصادقات الأطباء: يمكن للمصادقات والشهادات القادمة من العاملين بالرعاية الصحية، كالأطباء والأخصائيين، تحفيز إرشادية المتوفّر. فعندما يرى المستهلك عاملاً بالرعاية الصحية ينصح باستخدام منتج أو خدمة معينة، يخلق ذلك حساً بكون المنتج أو الخدمة مناسباً أكثر من غيره ويؤثر على قرار المستهلك لأنه يعتبر الخيار الذي تم المصادقة عليه أكثر موثوقية ومصداقية.

 

ما هي بعض الدراسات التي تناولت إرشادية المتوفّر؟

لقد أجري عدد من الدراسات للبحث في مفهوم إرشادية المتوفّر وتأثيره على عملية اتخاذ القرار. ومن أهم تلك الدراسات، الدراسات التالية:

 

  • تفيرسكي وكاينمان (1973): في هذه الدراسة الكلاسيكية، وضع الباحثات مفهوم <إرشادية المتوفّر> وأوضحا كيف أنّ سهولة الوصول الى المعلومات من الذاكرة يؤثر على اصدار الأحكام واتخاذ القرارات.

 

  • شوارز وبليس (1991): استعرضت هذه الدراسة كيفية تأثير إرشادية المتوفّر على أحكام وخيارات المستهلك. ووجدت الدراسة أنّ المستهلك يميل للاعتماد على توفر المعلومات في ذهنه، حتى وان لم تعكس تلك المعلومات جميع المعلومات المتوفرة.

 

  • فاغيرلين وبيترز (2011): ركّزت هذه الدراسة على دور إرشادية المتوفّر في القرارات المتعلقة بالصحة: ووجدت الدراسة أن توفر المعلومات، كالتجارب الشخصية والحكايات الجيدة، تؤثر بشكل كبير على خيارات المرضى وفهمهم للمخاطر والمنافع في اتخاذ القرارات المتعلقة بالرعاية الصحية.

 

في الختام:

إنّ إرشادية المتوفّر تحيّز ذهني قوي يؤثر على عملية اتخاذ القرارات في مجالات معينة، بما في ذلك الرعاية الصحية. تستطيع مؤسسات الرعاية الصحية تحسين إستراتيجيات التسويق الخاصة بها من أجل تحقيق نتائج أفضل عن طريق فهم كيفية عمل إرشادية التوفّر وتضمينها في جهود التسويق. يمكن استخدام إرشادية المتوفّر في الإعلان الإستراتيجي والشهادات ووسائل التواصل الاجتماعي والتسويق من خلال المؤثرين لخلق استذكار للعلامة التجارية والتأثير على عملية اتخاذ القرار وتحسين وعي المستهلك. ولكن، من المهم أن يقوم المسوقون باستخدام إرشادية المتوفّر بشكل أخلاقي ومسؤول، والتأكد من انّ المعلومات المقدمة دقيقة، معتمدة، وكاملة. يمكن لمؤسسات الرعاية الصحية تحسين نتائج جهود التسويق الخاصة بها وخدمة جمهورها بشكل أفضل عن طريق استخدام إرشادية المتوفّر.